أدوية الجملة العصبية المركزية (أدوية الدوار والقياء)

توجيهات

توصف مضادات القياء فقط عندما يكون سبب القياء معروفاً لأنها قد تؤخر التشخيص خاصةً لدى الأطفال. يعتمد اختيار مضاد القياء على سبب القياء:

1ـ مضادات الهيستامين antihistamines (مثل السيناريزين cinnarizine، السيكليزين cyclizine، البروميتازين promethazine): فعالةً في معالجة الغثيان والقياء الناتجين عن العديد من الحالات المستبطنة، حيث يستفاد من تأثير مضادات الهيستامين من الجيل الأول على الجملة العصبية المركزية في معالجة الغثيان والقياء الناتج عن الحركة أو السفر motion sickness والوقاية منه، وتبدي هذه الأدوية بشكل عام فعالية مضادة لداء الحركة أضعف من فعالية مضادات الكولين مثل السكوبولامين.

قد تفيد مضادات الهيستامين أيضاً في معالجة الغثيان والقياء في الاضطرابات الدهليزية مثل داء منيير Meniere's disease والأشكال الأخرى للدوار.

لا تتوفر أدلة على أفضلية أيٍّ من هذه الأدوية على الآخر من حيث الفعالية، ولكنها تختلف في مدة تأثيرها وآثارها الجانبية (النعاس والآثار الجانبية المسكارينية).

 

 

2ـ الفينوتيازينات phenothiazines (مثل الكلوربرومازين chlorpromazine): تؤثر مركزياً من خلال حصر المنطقة المثيرة للمستقبل الكيميائي، وهي تتمتع بأهمية خاصة في معالجة الغثيان والقياء المرافقين للأمراض الورمية المنتشرة، والمعالجة الشعاعية، والقياء الناتج عن استخدام بعض الأدوية مثل الأفيونات، والمخدرات العامة، والأدوية السامة للخلايا، ولكنها قد تتسبب بظهور حالات من خلل التوتر خاصةً لدى الأطفال. تتوفر بعض الفينوتيازينات بشكل تحاميل شرجية، وتفيد هذه الأشكال في حالات القياء المعند أو الغثيان الشديد.

تفيد بعض الأدوية الأخرى المضادة للذهان مثل الهالوبيريدول haloperidol أيضاً في تخفيف الغثيان.

 

 

3ـ الميتوكلوبراميد metoclopramide: يملك تأثيراً مشابهاً لتأثير الفينوتيازينات، إلى جانب تأثيره المباشر على الطريق المعدي المعوي. قد يتفوق الميتوكلوبراميد في فعاليته على الفينوتيازينات في حالات القياء المرافقة للأمراض المعدية العفجية والكبدية والصفراوية، وهو ذو فعالية محدودة في إيقاف الغثيان والقياء التالي للعمليات الجراحية عند إعطائه بجرعة 10 ملغ، وقد تراجع حالياً استخدامه بجرعات حقنية عالية في معالجة الغثيان والقياء المرافق لاستخدام الأدوية السامة للخلايا.

كما هو الحال بالنسبة للفينوتيازينات قد يسبب الميتوكلوبراميد تفاعلات حادة من خلل التوتر dyskinesia تتضمن تشنجات وجهية وعضلية هيكلية ونوبات شخوص البصر، وتكون هذه الآثار الجانبية أكثر شيوعاً لدى الشباب (خاصةً الفتيات والنساء الشابات) والطاعنين في السن، وتظهر عادةً بعد فترة قصيرة من بدء المعالجة بالميتوكلوبراميد وتختفي في غضون 24 ساعة من إيقاف المعالجة.

يجب أن يقتصر استخدام الميتوكلوبراميد لدى المرضى دون 20 سنة على معالجة القياء المعند معروف السبب، والقياء الناتج عن المعالجة الشعاعية والمعالجة بالأدوية السامة الخلايا، وللمساعدة في التنبيب المعدي المعوي، والتمهيد للتخدير، ويجب أن تحدد جرعة الميتوكلوبراميد على أساس وزن الجسم.

 

 

5ـ الدومبيريدون domperidone: يؤثر في المنطقة المثيرة للمستقبل الكيميائي، وهو يستخدم لتخفيف الغثيان والقياء وبشكل خاص للحالات المرافقة للمعالجة السامة للخلايا. يتميز الدومبيريدون على الميتوكلوبراميد والفينوتيازينات بأنه لا يحدث تأثيرات مركزية كالتهدئة وتفاعلات خلل التوتر لأنه لا يعبر الحاجز الدموي الدماغي. يستخدم الدومبيريدون في داء باركنسون خلال بدء المعالجة بالأبومورفين apomorphine ويمكن استخدامه لمعالجة القياء المحرَّض بالليفودوبا والبروموكريبتين، والقياء العائد للاستخدام الطارئ لمانعات الحمل الهرمونية.

 

 

6ـ الأوندانسيترون ondansetron: من الضادات النوعية للسيروتونين والتي تؤثر من خلال حجب مستقبلات 5HT3 في الطريق المعدي المعوي والجملة العصبية المركزية. يتمتع الأوندانسيترون بأهمية كبيرة في تدبير الغثيان والقياء لدى المرضى الذين يتلقون أدوية سامة للخلايا، وعقب العمليات الجراحية، وهو لا يملك خواص مضادة للدوبامين لذا لا يؤدي استخدامه إلى ظهور تأثيرات خارج هرمية.

 

 

7ـ الديكساميتازون dexamethasone: يتمتع بتأثيرات مضادة للقياء، ويستخدم لمعالجة القياء الناجم عن المعالجة الكيميائية للسرطان إما بمفرده أو بالمشاركة مع الميتوكلوبراميد، أو اللورازيبام، أو أحد ضادات السيروتونين النوعية.

 

 

القياء خلال الحمل:

يكون الغثيان والقياء في الثلث الأول من الحمل بشكل عام خفيفاً ولا يتطلب معالجة دوائية، أما إذا كان القياء شديداً ـ كما في بعض الحالات النادرة ـ فيمكن اتباع معالجة قصيرة الأمد بأحد مضادات الهيستامين كالبروميتازين promethazine، ويمكن استخدام الميتوكلوبراميد metoclopramide ولكنه يبقى خياراً من المرتبة الثانية، وإذا لم تهدأ الأعراض خلال 24ـ48 ساعة يجب استشارة الطبيب المختص.

التقياء الحملي hyperemesis gravidarum هو حالة أكثر خطورة تتطلب إعاضة وريدية للسوائل والشوارد وتتطلب أحياناً دعماً غذائياً، ويجب تقديم إضافات من الثيامين thiamine (فيتامين B1) لإنقاص خطر الاعتلال الدماغي الفرنيكي wernicke’s encephalopathy.

 

 

الغثيان والقياء التاليين للعمل الجراحي:

يعتمد حدوث الغثيان والقياء بعد العمل الجراحي على عدة عوامل بما فيها نوع المخدر المستخدم أثناء العملية، ونوع الجراحة ومدتها، وجنس المريض. تهدف المعالجة في هذه الحالة إلى منع حدوث القياء والغثيان بعد العمل الجراحي، وتتضمن الأدوية المستخدمة لهذا الهدف: بعض المشتقات الفينوتيازينية، والميتوكلوبراميد، وحاصرات مستقبلات 5HT3 (الأوندانسيترون)، ومضادات الهيستامين (مثل السيكليزين cyclizine)، والديكساميتازون، ويمكن تدبير الحالات المعندة بمشاركة دوائين يؤثران في موقعين مختلفين.

يجب الانتباه إلى أن جرعة 10 ملغ من الميتوكلوبراميد محدودة الفعالية في إيقاف الغثيان والقياء التاليين للعمل الجراحي، وإلى أن الجرعات الحقنية العالية تسبب تأثيرات جانبية كثيرة.

 

داء الحركة (داء السفر) motion sickness:

تعطى مضادات القياء في هذه الحالة للوقاية، ويعد الهيوسين hyoscine أكثر الأدوية فعاليةً لهذه الغاية حيث يطبق بشكل لصقات عبر الأدمة توضع قبل السفر بعدة ساعات لتؤمن فعالية مديدة، وتكون مضادات الهيستامين المهدئة أقل فعالية بقليل من الهيوسين ولكنها أفضل تحملاً، ويفيد استخدام البروميتازين promethazine في الحالات التي يرغب فيها الحصول على تأثير مهدئ، ولكن يفضل بشكل عام استخدام مضادات الهيستامين الأقل إحداثاً للتهدئة مثل السيكليزين cyclizine والسيناريزين cinnarizine، أما مضادات القياء الحاصرة للمستقبلات 5HT3 (الأوندانسيترون)، والدومبيريدون، والميتوكلوبراميد، والفينوتيازينات (باستثناء البروميتازين) فإنها غير فعالة في تدبير داء الحركة.

 

 

الاضطرابات الدهليزية الأخرى:

يهدف تدبير الاضطرابات الدهليزية إلى علاج السبب المستبطن وعلاج أعراض اختلال التوازن والغثيان والقياء المرافقين لها، أما الغثيان والدوار المرافقين لداء منيير وجراحة الأذن الوسطى فقد يكون من الصعب علاجها.

يستخدم البيتاهيستين betahistine ـ وهو مضاهئ للهيستامين ـ لإنقاص الضغط اللمفاوي الداخلي من خلال تحسين الدوران الصغري، وقد أجيز استخدامه لعلاج الدوار والطنين وفقدان السمع المرافق لداء منيير.

قد يفيد استخدام المدرات البولية بمفردها أو بالمشاركة مع تقييد الوارد من الملح في تدبير الدوار المرافق لداء منيير، وتكون مضادات الهيستامين (مثل السيناريزين cinnarizine)، والفينوتيازينات فعالة في الوقاية والمعالجة.

 

 

المعالجة الكيميائية السامة للخلايا:

يشكل الغثيان والقياء عرضين مزعجين لدى العديد من المرضى الذين يتلقون معالجة كيميائية وبشكل أقل لدى المرضى الذين يتلقون معالجة إشعاعية بطنية، وقد تقود هذه الأعراض إلى رفض المريض إكمال المعالجة، وهي إما أن تكون حادة (تظهر خلال 24 ساعة من المعالجة)، أو متأخرة (تظهر لأول مرة بعد أكثر من 24 ساعة من المعالجة)، أو استباقية (تظهر قبل الجرعات المتعاقبة).

تختلف قابلية الإصابة بالغثيان والقياء من مريض إلى آخر، ويعد المرضى دون سن الخمسين، والنساء، والمرضى القلقون والمرضى المصابون بداء الحركة أكثر الفئات عرضةً للإصابة بالغثيان والقياء، وتزداد قابلية الإصابة بالغثيان والقياء مع تكرار التعرض للجرعات الكيميائية.

الوقاية من الأعراض الحادة:

- لدى المرضى ذوي الخطر المنخفض لحدوث القياء: تسبق المعالجة باستخدام أحد المشتقات الفينوتيازينية الفموية، أو الدومبيريدون وتستمر هذه المعالجة حتى 24 ساعة بعد المعالجة الكيميائية.

- المرضى ذوي الخطر الأعلى لحدوث القياء: يمكن استخدام الديكساميتازون (6ـ10 ملغ فموياً) بمفرده أو مع اللورازيبام قبل بدء المعالجة.

- المرضى ذوي الخطر المرتفع لحدوث القياء أو عندما تكون المعالجات الأخرى غير فعالة: تستخدم ضادات المستقبلات 5HT3 (الأوندانسيترون) بالمشاركة مع الديكساميتازون في أغلب الأحيان، وتتمتع هذه الأدوية بفعالية عالية في السيطرة على القياء المبكر، وتستخدم كبديل للجرعات الوريدية العالية من الميتوكلوبراميد.

الوقاية من الأعراض المتأخرة:

يعد الديكساميتاون الخيار الأول في الوقاية من الأعراض المتأخرة، وهو يستخدم بمفرده أو بالمشاركة مع الميتوكلوبراميد، وتكون ضادات المستقبلات 5HT3 أقل فعالية في الوقاية من الأعراض المتأخرة.

الوقاية من الأعراض الاستباقية:

تعد السيطرة الجيدة على الأعراض الطريقة المثلى للوقاية من الأعراض الاستباقية، وقد تفيد في هذه الحالة إضافة اللورازيبام إلى مضادات القياء بسبب تأثيره المحدث لفقد الذاكرة، والمهدئ والمزيل للقلق.

 

 

الشقيقة:

تساهم مضادات القياء مثل الميتوكلوبراميد metoclopramide، والدومبيريدون domperidone، ومضادات القياء المضادة للهيستامين، ومضادات القياء الفينوتيازينية في تخفيف الغثيان المرافق لهجمات الشقيقة، ويمكن إعطاء هذه الأدوية بالحقن العضلي أو بالطريق الشرجي عند حدوث القياء. يتمتع كل من الميتوكلوبراميد والدومبيريدون بميزة إضافية وهي قدرتها على تحفيز الإفراغ المعدي والحركة التمعجية للأمعاء، وتعطى هذه المركبات بجرعة مفردة عند بدء الأعراض.