أدوية الجملة القلبية الوعائية (مضادات الذبحة الصدرية)

توجيهات

تعد الذبحة الصدرية أكثر الأعراض شيوعاً عند الإصابة بإقفار القلب، وتحدث نتيجة عدم التوازن بين حاجة العضلة القلبية من الأوكسجين والكمية الواصلة إليها والذي ينجم إما عن تضيق الشرايين التاجية باللويحات العصيدية أو عن تشنج الشريان التاجي.

• الذبحة المستقرة stable angina: تنتج عن انسداد عصيدي ثابت، ويسرِّع إجهاد المريض نتيجة التمارين أو الإثارة من حدوثها.

• الذبحة غير المستقرة unstable angina: يعتقد أنها ناتجة عن انسداد عابر لأحد الشرايين التاجية جراء تكدس الصفيحات أو تشكل صمة، ولا يمكن التنبؤ بوقت حدوثها، إذ تحدث غالباً في حالة الراحة ويمكن أن تحدث أيضاً في حالات الإجهاد الجسدي، وهي من الحالات التي تتطور بسرعة، ويرتفع احتمال حدوثها رغم تقليل فترة الجهد.

• ذبحة برنزميتال prinzmetal's angina أو الذبحة الناتجة عن التشنج الوعائي: تنتج هذه الذبحة عن تشنج العضلات الملساء في جدران الشرايين التاجية والذي يؤدي إلى تضيق وعائي ونقص التدفق الدموي، ولا يمكن التنبؤ بحدوث هذه الذبحة، إذ من الممكن أن تحدث حتى في حالة الراحة.

 

 

تدبير الذبحة:

الذبحة المستقرة:

تعالج الهجمات الحادة من الذبحة المستقرة باستعمال ثلاثي نترات الغليسيرين تحت اللسان، وإذا كانت الهجمات تحدث أكثر من مرتين في الأسبوع يجب اتباع معالجة دوائية منتظمة يتم إدخالها بصورة تدريجية تبعاً للاستجابة.

يمكن تدبير مرضى الذبحة الخفيفة إلى متوسطة الشدة غير المصابين بخلل في وظيفة البطين الأيسر بشكل فعال باستعمال ثلاثي نترات الغليسيرين تحت اللسان واستعمال حاصرات بيتا بشكل منتظم، ويمكن إضافة أحد حاصرات قنوات الكالسيوم مديدة التأثير من زمرة الديهيدروبيريدين (النيكارديبين nicardipine، الأملوديبين amlodipine)، ثم إضافة مركب نترات مديد التأثير عند الضرورة، أما إذا كان إعطاء حاصرات بيتا لا يناسب المريض فيمكن إعطاء الديلتيازيم diltiazem أو الفيراباميل verapamil. أما المرضى المصابون بخلل في وظيفة البطين الأيسر فتتم معالجتهم باستعمال النترات مديدة التأثير ويمكن إضافة أحد حاصرات قنوات الكالسيوم مديدة التأثير من زمرة الديهيدروبيريدين عند الضرورة.

يجب إعطاء الأسبرين aspirin لمرضى الذبحة، وتكون جرعة 75ـ150 ملغ/يوم مناسبة في هذه الحالة، ويجب أخذ المعالجة بالستاتينات statins بالاعتبار لدى المرضى ذوي السويات البلاسمية العالية من الكولسترول.

قد تكون إجراءات إعادة التوعية مناسبة في الذبحة المستقرة.

 

 

الذبحة غير المستقرة:

تهدف معالجة الذبحة غير المستقرة إلى تقديم رعاية داعمة، وتخفيف الألم خلال الهجمة الحادة، وإلى تحاشي حدوث الاحتشاء القلبي والوفاة.

التدابير الأولية: يعطى الأسبرين aspirin (مضغاً أو بعد بعثرته في الماء) بجرعة 300 ملغ، ويجب أيضاً إعطاء الهيبارين أو الهيبارينات ذات الوزن الجزيئي المنخفض (الدالتيبارين dalteparin، الإنوكسابارين enoxaparin).

تستعمل النترات لتخفيف الألم الإقفاري، وإذا لم يكن ثلاثي نترات الغليسيرين المعطى تحت اللسان فعالاً يمكن إعطاؤه فموياً أو حقناً وريدياً أو يعطى الإيزوسوربيد ثنائي النترات وريدياً.

يجب إعطاء المريض حاصرات بيتا فموياً أو وريدياً عندما لا يوجد مضاد استطباب لذلك، ويمكن إعطاء الديلتيازيم أو الفيراباميل للمرضى الذين لا يناسبهم استعمال حاصرات بيتا في حال عدم وجود خلل في وظيفة البطين الأيسر.

ينصح باستعمال مثبطات الغليكوبروتين IIb/IIIa (الإبتيفيباتيد eptifibatide والتيروبيفان tirobifan) مع الأسبرين والهيبارين لمعالجة الذبحة غير المستقرة لدى المرضى ذوي الخطورة العالية لتطور احتشاء العضلة القلبية، ويمكن استعمال هذه الأدوية أيضاً مع الأسبرين والهيبارين لدى المرضى الخاضعين لمداخلة تاجية عبر الجلد للخفض الفوري لخطر الانسداد الوعائي.

غالباً ما تكون إجراءات إعادة التوعية مناسبة لدى مرضى الذبحة غير المستقرة.

التدابير طويلة الأمد: يجب التأكيد على أهمية تعديل نمط حياة المريض وبشكل خاص إيقاف التدخين، ويجب كذلك إعطاء الأسبرين بجرعات منخفضة (75ـ150 ملغ/يوم)، وقد يلزم إعطاء أحد الستاتينات.

يجب تقييم الحاجة للمعالجة طويلة الأمد للذبحة الصدرية أو لإجراء تصوير الأوعية التاجية.

يجب الاستمرار بالمعالجة المعيارية للذبحة لدى المرضى الذين يستمر لديهم إقفار العضلة القلبية، ويمكن إيقاف هذه المعالجة تدريجياً بحذر بعد شهرين على الأقل من الهجمة الحادة إذا لم يستمر الإقفار.

 

 

ذبحة برنزميتال:

تستجيب النوبات الحادة من ذبحة برنزميتال لثلاثي نترات الغليسيرين تحت اللسان أو النيفيديببن 10 ملغ يؤخذ مضغاً ثم يبلع لتسريع بداية تأثيره، ويمكن أن يستخدم للتشنج المعند في حال غياب انخفاض الضغط.

لقد لوحظ أن النترات مديدة التأثير وحاصرات قنوات الكالسيوم تنقص من تكرار حدوث الألم الصدري عندما تستخدم لمدة طويلة لمعالجة هذه الذبحة، ويجب تنبيه المريض إلى ضرورة إيقاف التدخين.

 

 

الأدوية المستخدمة في معالجة الذبحة:

تهدف المعالجة إلى إعادة التوازن ما بين كمية الأوكسجين المتوفرة للعضلة القلبية وكمية الأوكسجين اللازمة. يوجد 3 زمر من المركبات المستخدمة في المعالجة:

- النترات

- حاصرات بيتا

- حاصرات قنوات الكالسيوم

 

 

1 - النترات nitrates:

تفيد هذه المركبات في معالجة الذبحة الناتجة عن الجهد (بنوعيها المستقرة وغير المستقرة)، والذبحة الناتجة عن التشنج الوعائي.

لم يتم حتى الآن توضيح آلية العمل الدقيقة لهذه المركبات في علاج الذبحة، ويبدو أنها تعتمد على تحولها إلى شاردة النتريت التي تنتج بدورها أول أوكسيد الآزوت (NO) المسؤول عن التوسع الوعائي في حال نقص التأكسج (عوز الأوكسجين).

يتمثل الدور الأساسي للنترات بتوسيع الأوعية الدموية، إذ يسمح توسيع الأوردة بتجمع الدم فيها وإنقاص عودته إلى العضلة القلبية وبالتالي انخفاض الحمولة السابقة والذي يقود بدوره إلى انخفاض الضغط في البطينين وإنقاص توتر الجدران وبالتالي إنقاص كمية الأوكسجين المطلوبة، ويسمح توسيع الشرايين وانخفاض مقاومتها بتقليل حجم العمل الذي يتوجب على القلب القيام به.

يضاف إلى التأثير السابق قدرة النترات على إعادة توزيع الدم في المناطق المصابة بالإقفار وبشكل خاص مناطق تحت الشغاف المعرضة لكميات أكبر من الضغط خارج الوعائي خلال الإنقباض، ولكنها لا تزيد من التدفق الدموي التاجي الإجمالي لدى مرضى الذبحة.

تختلف التراكيب الحاوية على النترات عن بعضها البعض بسرعة بدء التأثير ومدة التأثير المطلوبة وبناءً عليه يتم اختيار التراكيب المناسبة.

تستخدم النترات سريعة التأثير مثل ثلاثي نترات الغليسرين glyceryl trinitrate والمضغوطات تحت اللسانية من الإيزوسوربيد ثنائي النترات isosorbide dinitrate للتخفيف السريع للألم الخناقي الحاد أو الوقاية منه.

يوجد ثلاثي نترات الغليسرين بشكل رذاذ أو مضغوطات (تحت لسانية، فموية، وقابلة للمضغ)، ويلاحظ أن الامتصاص تحت اللساني هو الأسرع حيث أن التأثيرات الديناميكية الدموية وإزالة الألم تكون فورية تقريباً.

تستخدم النترات مديدة التأثير في المعالجة الوقائية طويلة الأمد لهجمات الذبحة، وهي تضم الصيغ ذات التحرر المديد لثلاثي نترات الغليسرين، والأشكال الفموية للإيزوسوربيد ثنائي النترات isosorbide dinitrate والإيزوسوربيد أحادي النترات isosorbide mononitrate.

يمتاز ثلاثي نترات الغليسرين بأنه جيد الامتصاص عبر الجلد السليم لذا يمكن أن يطبق بشكل مرهم أو لصاقات جلدية.

قد تحد التأثيرات غير المرغوبة للنترات كالوهيج والصداع وانخفاض الضغط الوضعي من استعمال النترات خاصةً عندما تكون الذبحة شديدة أو عند وجود حساسية غير عادية لتأثيرات النترات.

يتطور التحمل بشكل سريع لدى العديد من المرضى الذين يتناولون النترات مديدة التأثير أو المستحضرات المحررة للنترات عبر الأدمة، ويترافق ذلك بتراجع التأثيرات العلاجية، لذا ينصح هؤلاء المرضى بإنقاص تركيز النترات في الدم لمدة 4ـ8 ساعات كل يوم للمحافظة على الفعالية العلاجية، ويوصى عند الشك بحدوث التحمل خلال استعمال اللصاقات المحررة للنترات عبر الأدمة بإيقاف استعمالها لعدة ساعات متعاقبة كل 24 ساعة، وعند استعمال مستحضرات الإيزوسوربيد ثنائي النترات معدلة التحرر يمكن إعطاء الجرعة الثانية (من الجرعتين المتناولتين يومياً) بعد حوالي 8 ساعات، ويفضل ذلك على إعطائها بعد 12 ساعة.

 

 

2 - حاصرات بيتا beta blockers:

تعد فعالة في إنقاص تواتر وشدة الذبحة الناتجة عن الجهد، لكنها غير مفيدة في علاج الذبحة الناتجة عن التشنج الوعائي (ذبحة برنزميتال)، بل قد تؤدي أحياناً إلى تفاقم هذه الحالة، إذ تسمح بحدوث تقلص وعائي للشرايين التاجية بتوسط المستقبلات .

يتمثل دور حاصرات بيتا في علاج الذبحة الناتجة عن الجهد في إنقاص عمل القلب، حيث تعمل هذه المركبات على حجب الدفق الودي على العضلة القلبية وبالتالي إنقاص الاستجابات الدورية والعضلية خلال التمرين أو الشدة، أي خفض كمية الأوكسجين اللازمة لعمل القلب.

تحتوي مجموعة حاصرات بيتا على العديد من الأدوية، ويعتمد اختيار الدواء المطلوب على استجابة المريض والتكرار المطلوب للجرعة.

تعد حاصرات بيتا الانتقائية للعضلة القلبية (مثل الأتينولول atenolol والميتوبرولول metoprolol) أقل إحداثاً للتشنج القصبي من المركبات غير الانتقائية (مثل النادولول nadolol والبروبرانولول propranolol)، مع ذلك يبقى توخي الحذر واجباً عند استخدام هذه المركبات لمعالجة المرضى ذوي السوابق المرضية التنفسية.

هناك بعض الأدلة على أن سحب حاصرات بيتا بصورة مفاجئة قد يسبب اشتداد الذبحة الصدرية، لذا يفضل إنقاص الجرعة تدريجياً عند الحاجة إلى إيقاف استعمال حاصرات بيتا.

يمكن لحاصرات بيتا أن تسرع من فشل القلب عند استخدامها بصورة متزامنة مع الفيراباميل لدى مرضى الإقفار القلبي المثبت.

من الممكن مشاركة حاصرات بيتا مع النترات لدى المرضى الذين لا يستجيبون بصورة كافية للجرعات العظمى من النترات أو حاصرات بيتا، وينتج التأثير التآزري لهذه المشاركة بشكل أساسي عن حجب أحد العاملين للتأثيرات الجانبية للعامل الآخر، فحاصرات بيتا تمنع تسرع القلب الانعكاسي والتأثيرات العضلية للنترات، بينما تقلل النترات من زيادة الحجم الانبساطي النهائي للبطين الأيسر وذلك من خلال زيادة السعة الوريدية.

 

 

3 - حاصرات قنوات الكالسيوم calcium channel blockers:

تستعمل حاصرات قنوات الكالسيوم لعلاج الذبحة الناتجة عن الجهد والذبحة الناتجة عن التشنج الوعائي (ذبحة برنزميتال).

يتمثل تأثير هذه الأدوية في علاج الذبحة الناتجة عن الجهد من الناحية السريرية بقدرتها على إنقاص الحمولة اللاحقة، وتحسين كفاءة العضلة القلبية، وإنقاص معدل ضربات القلب، وزيادة التدفق الدموي التاجي، وتقوم هذه الأدوية بتوسيع الأوعية وإنقاص الحمولة اللاحقة وبالتالي خفض كمية الأوكسجين اللازمة للعضلة القلبية، في حين يسمح توسع الشرايين التاجية بمرور كمية أكبر من الدم لإرواء العضلة القلبية، وعندما يتحقق التوازن بين كمية الأوكسجين اللازمة وكمية الأوكسجين المتوفرة يصبح بمقدور المريض بذل جهد أكبر ولمدة زمنية أطول.

يتمثل دور حاصرات قنوات الكالسيوم في الذبحة الناتجة عن التشنج الوعائي بتثبيط تقلص العضلات الملساء الوعائية وتخفيف تشنج الشريان التاجي الذي يعيق إرواء العضلة القلبية.

يجب الانتباه إلى أن السحب المفاجئ لحاصرات الكالسيوم قد يترافق مع اشتداد الذبحة.

يمكن تصنيف حاصرات قنوات الكالسيوم تبعاً لتأثيراتها السريرية والدوائية إلى 3 زمر:

 

الزمرة الأولى (الفيراباميل verapamil): تمتلك التأثير السلبي الأكثر وضوحاً على تقلص العضلة القلبية، ويسرع تأثيرها المثبط للنقل القلبي من حدوث فشل القلب في حال وجود خلل وظيفي في العقدة الجيبية الأذينية SA أو العقدة الأذينية البطينية AV، أو عند الاستخدام المتزامن مع حاصرات بيتا.

يسبب الفيراباميل انخفاض ضغط عند استخدامه بجرعات عالية، ويعد الإمساك الأثر الجانبي الأكثر شيوعاً للدواء.

 

 

الزمرة الثانية (النيفيديبين nifedipine، النيكارديبين nicardipine، الأملوديبين amlodipine): لا تثبط النقل أو التقلص مما يجعل خطر تسريعها للفشل القلبي لدى مرضى اضطرابات النقل أقل من خطر الزمرة الأولى.

يمكن لهذه المركبات أن تعاكس التأثير السلبي الذي تمارسه حاصرات بيتا على تقلص العضلة القلبية، لذا يكون من الممكن المشاركة بينهما شريطة مراقبة المريض خشية حدوث انخفاض شديد في ضغط الدم.

يتمتع الأملوديبين بفترة تأثير أطول من المركبين الآخرين وهذا ما يسمح بإعطائه بجرعة يومية واحدة.

لا ينصح باستخدام مستحضرات النيفيديبين ذات التحرر القصير في علاج الذبحة لأن ذلك يترافق مع تغيرات واسعة في ضغط الدم وتسرع قلب انعكاسي.

 

 

الزمرة الثالثة (الديلتيازيم diltiazem): لا تسبب هذه الزمرة تسرعاً انعكاسياً للقلب، كما أنها ذات تأثير سلبي ضعيف على التقلص العضلي.