مسكنات الألم المحيطية

Peripheral Analgesics

 

أولاًالساليسيلاتSalicylates:(1)

التعريف والبناء

التأثيرات الدوائية وآلياتها

 

التعريف والبناء :

مجموعة من المركبات أساس بنائها حمض الساليسيليك والذي يتم الحصول عليه من مادة غليكوزيدية ( شبه سكرية ) تعرف باسم ساليسين ويتم الحصول عليها من قشور جذع شجرة الصفصاف Salix album وتعرف هذه الشجرة أيضاً بـ Willow Bark وقد أمكن اشتقاق عدة مركبات من حمض الساليسيليك هي حمض الخل الصفصافي ASAالمعروف تجارياً باسم الأسبرين وصوديوم ساليسيلات وساليسيليك أميد .

 حمض الخل الصفصافي( Acetyl Salicylic Acid (A.S.A :

الطاقة الإنتاجية والاستهلاك اليومي :

يقدر أن ما ينتجه العالم سنوياً من هذا المركب يقارب 10000-20000 طن سنوياً ، فهي أكثر مادة تصنع في العالم أما الاستهلاك اليومي فيزيد عن 200 مليون حبة يومياً .

الحرائك الدوائية :

يتميز حمض الخل الصفصافي بأن له بناءً حمضياً Pka = 3.5 ولذلك فهو يمتص بشكل رئيسي من المعدة ومن الجزء العلوي للأمعاء ( في المعدة = PH 1.2-3 ، في القطعة الثانية من العفج = PH 4.2) بعدها يتوزع وينتشر في الجسم حيث يبلغ حجم التوزع 0.1-0.35 لتر/كغ .ويصل للتركيز الأعظمي بعد ساعتين .

قوة ارتباطه مع بروتينات البلازما ( خاصة الألبومين ) متوسطة 50-60% .

أما بالنسبة للاستقلاب فيخضع استقلابه لنظام الصفر الحركي ( أي تستقلب كمية محددة من الدواء خلال زمن محدد ) وبالتالي فهو يعتمد على كمية الجرعة .

ففي حال إعطاء 300-600 ملغ من ASA يقدر ½ t له بـ 3-3.5 ساعة أما عند إعطاء 1 غ فإن ½ t يصبح 5 ساعات وعند إعطاء 2-3 غ يصبح ½ t = 9 ساعات ووسطياً عند إعطاء 1.5-2 غ يصبح نصف العمر = 7-8 ساعات .

يقدر أن ما يستقلب من الساليسيلات في الساعة الواحدة 150-200 ملغ وسطياً .

يستقلب ASA في الكبد وفق طرق عديدة :

حيث يمكن أن يتحول إلى حمض الساليسيليك أو حمض الجنتسيك أو أن يقترن مع حمض الغلوكورونيك أو حمض الغليسين ……

وبشكل عام ينطرح ASA عن طريق البول بشكله الحر أو على شكل مستقلبات مختلفة .

يبلغ التركيز العلاجي الفعال ( الرصد الدوائي أثناء العلاج T.D.M ) حوالي 150-300 ميكروغرام في كل 1 مل بلازما .

التأثيرات الدوائية وآلية التأثير :

1.      التأثير المسكن للألم :

يتميز ASA بقدرته على تسكين الآلام متوسطة الشدة والناجمة عن التفاعل الالتهابي ( تحرر العوامل الملهبة مثل البروستاغلاندينات – هيستامين – سيروتونين – برادي كينين ………  أو الفعل الرضي ( الارتكاسات ) وإزالة آلام الصداع والآلام العضلية والمفصلية كما يمكن له في حال حقنه عضلياً أو وريدياً أن يستخدم في إزالة الآلام السرطانية ويعتقد بعض الباحثين أن له آلية تأثير مركزية أيضاً في تسكين الألم وذلك لأنه يثبط المنطقة القريبة من مركز الألم في ناحية الوطاء Hypothalamus .

أما آلية التأثير المحيطية المسكنة للألم فتعلل على أساس أن المستقبلات المحيطية الخاصة بالألم هي مستقبلات كيماوية تتوضع في مستوى النهايات العصبية الحسية وهي حساسة جداً تجاه تحرر الوسائط الكيماوية الموضعية المحرضة والمثيرة لحس الألم وأهمها البروستاغلاندينات Prostaglandins والبرادي كينين Bradykinin وبدرجة أقل الهيستامين Histamine والسيروتونين Serotonin .

لكن أهمها البروستاغلاندين PGE1 ( ويشير الحرف E إلى أنه ينحل في الإيثر Ether والرقم 1 يعني أنه يحتوي رابطة مضاعفة واحدة )

وتعلل آلية تأثير مركبات الساليسيلات بأنها تثبط نشاط الأنزيم المصنع لـ PGE1 والذي يدعى PGE1 سينثاز وبشكل عام تثبط الساليسيلات نشاط الأنزيم الرئيسي المسؤول عن الاصطناع الحيوي لـ PGE3a – PGE2 – PGE1- PGI2 – PGF3a – PGE2a– PGE1 والذي يعرف باسم سيكلوأوكسيجيناز واختصاراً COX.

وقد أمكن تمييز نوعين من هذا الأنزيم : COX1 و COX2:

COX1 : موجود في خلايا جميع أعضاء الجسم مثل المعدة والكلية والأوعية الدموية وغيرها . ويثبطه بشكل نوعي ( اصطفائي 100% ) 3 مركبات هي :

الساليسيلات Salicylates .

سولنداك Sulindac من مضادات الالتهاب الرثوية )

الإندوميثاسين Endomethasine ( من مضادات الالتهاب الرثوية ).

وهناك مركبات تثبط COX1 بنسبة أقل من 100% يمثلها مركبا فلوربيبروفن وايبوبروفن.

COX2 : يوجد في الخلايا المسؤولة عن التفاعل الالتهابي مثل المعتدلات مفصصة النوى Polymorphonucleal Neutrophils والبالعاتMacrophages وفي مركبات السيتوكين Cytokines وهي مركبات عديدة الببتيد موجودة في الخلايا اللمفاوية وفي البالعات .

وحديثاً تعلل آلية تأثير الساليسيلات بأنها :

تثبط نشاط COX1 وبشكل آخر الأنزيم المصنع لـ PGE1 .

2.      التأثير الخافض للحرارة :

تبدي الساليسيلات تأثيراً خافضاً للحرارة المرتفعة عند الإصابة بالحمات Fevers على اختلاف أسبابها دون أن تعالج العامل المسبب وليس لها تأثير خافض للحرارة الطبيعية ( فعلى سبيل المثال إذا كانت درجة الحرارة 37 Cْ فإنها لا تنخفض إلى 35 Cْ ) .

تعلل آلية التأثير بآلية مركزية وآلية محيطية .

 آلية التأثير المحيطية : تعلل بأن الساليسيلات تحدث توسعاً وعائياً محيطياً مترافقاً بالتعرق وفقدان الحرارة بآلية الإشعاع .

 آلية التأثير المركزية : تعلل بأن لها تأثيراً مثبطاً لنشاط مركز تنظيم الحرارة Temperature Regulating Center في الوطاء في قسمه الأمامي البصري .

يتألف هذا المركز من نوى وعصبونات حساسة للحرارة وبالتالي تعلل آلية تأثير الساليسيلات بأنها تنقص من فعالية هذه النوى والعصبونات في حال ارتفاع درجة الحرارة المركزية وبالمقابل ليس لها تأثير على هذه النوى والعصبونات في حال كون درجة الحرارة الطبيعية .

أما آلية التأثير الدقيقة :

فيعتقد أن آلية التأثير المباشرة تعتمد على تثبيط اصطناع PGE1 وذلك بتثبيط PGE1 سنثاز حيث يعتقد أن PGE1 هو المسؤول عن التأثير المولد للحرارة نتيجة زيادته لفعالية النوى والعصبونات المنظمة للحرارة في مستوى الوطاء .

3.      تأثير الساليسيلات المضاد للالتهاب :

للساليسيلات تأثير مضاد للتفاعلات الالتهابية وخاصة في المراحل المبكرة للالتهاب والتي تشتمل على زيادة النفوذية الوعائية الشعرية – هجوم المعتدلات مفصصة النوى والبالعات ..

آلية التأثير :

تنجم التفاعلات الالتهابية عن تحرر البرادي كينين والسيروتونين والبروستاغلاندينات وخاصة PGE2 و PGI2 ( المعروف بالبروستاسيكلين والموجود في بطانة الأوعية الدموية الشعرية والشريانية ) . وعلى هذا الأساس تعلل آلية تأثير الساليسيلات المضاد للالتهاب بأن لها تأثيراً مثبطاً لاصطناع PGE2 و PGI2 .

أما في المراحل المتأخرة من التفاعل الالتهابي والتي يتم فيها تشكل النسيج الحبيبي Granular Tissue فليس لمركبات الساليسيلات تأثير مثبط للتفاعل الالتهابي ،وإنما تعالج هذه الحالة بالمركبات الستيروئيدية القشرية ( يمثلها الكورتيزون وهي مركبات مضادة للالتهاب والحساسية ومثبطة للمناعة ) وهنا يكمن الفرق بين الساليسيلات والمركبات الستيروئيدية القشرية في التأثير على التفاعل الالتهابي

4.      التأثير الطارح لحمض البول :

ويختلف هذا التأثير باختلاف الجرعة ، فالساليسيلات بالجرعة الخفيفة إلى المعتدلة ( حوالي 1-2 غ ) تنقص طرح حمض البول ويعلل ذلك بسبب نقص الإفراز حمض البول في مستوى الأنبوب البعيد .

أما بالجرعة المتوسطة ( حوالي 2-3 غ ) فهي لا تبدل شيئاً في انطراح حمض البول .

أما بالجرعات الكبيرة (أكثر من 4-5 غ )فهي تحدث زيادة في إطراح حمض البول وتحدث بيلة حمض البول ويعلل ذلك بأنها تثبط عودة امتصاص حمض البول في مستوى الأنبوب القريب .

5.      التأثير على جهاز التنفس :

تبدي زيادة في استهلاك O2 وزيادة PCO2 وزيادة التهوية الرئوية ويحدث ذلك بالجرعات العلاجية ويعلل ذلك بأنها في مستوى القصبات تعاكس تأثيرات البرادي كينين المحدثة لتقلص العضلات الملساء المحيطة بالقصبات والقصيبات وبالتالي توسع القصبات وتزيد التهوية الرئوية .

أما بالجرعات الكبيرة من الساليسيلات فهي تبدي نوعين من الاضطرابات في التوازن الحمضي القلوي .

ففي حالة التسمم بالساليسيلات وعندما يتجاوز تركيز الساليسيلات في البلازما 350 ميكروغرام/مل تظهر علامات القلاء التنفسي والذي يترافق مع حدوث فرط تهوية رئوية .

أما في حال تجاوز التركيز 460 ميكروغرام/مل يحدث حماض استقلابي وتنفسي والذي يترافق مع حدوث نقص في التهوية الرئوية .

6.      التأثير على القلب والأوعية :

تتميز الساليسيلات بأن لها تأثيراً موسعاً للأوعية الدموية بشكل عام وتسبب التعرق Sweeting وتحدث انخفاضاً معتدلاً في الضغط الدموي الشرياني إلا بالجرعات السمية .

7.      التأثير على الغدة الدرقية :

تنقص الساليسيلات نشاط الغدة الدرقية من خلال التأثيرات التالية :

1.تنقص الساليسيلات من ارتباط اليود مع الألبومين ومع البروتين الرابط لليود PBI في البلازما ( والمستوى الطبيعي لـ PBI هو 4-8 ميكروغرام/100 مل بلازما )

2.تحدث الساليسيلات بالجرعات الكبيرو نقصاً في مستوى T3 و T4 .

3.تحدث الساليسيلات نقصان مستوى الهرمون الحاث للدرق TSH .

8.      لتأثير على عملية تخثر الدم والإرقاء الدموي :

للساليسيلات تأثير مثبط لتكدس الصفيحات ويعلل ذلك بثلاث آليات :

تثبط الساليسيلات الأنزيم المصنع لمركبات البروستاغلاندينات التالية : الثرومبوكسان A2 ( والذي يدعى اختصاراً TXA2 ) و PGA2 و PGE2 والتي تنشط عملية تكدس الصفيحات . كما تزيد الساليسيلات نشاط PGI2 والذي يثبط عملية تكدس الصفيحات .

تثبط الساليسيلات تحرر ADP (الادينوزين ثنائي الفوسفات) من داخل الصفيحات والذي ينشط تكدس الصفيحات .

تثبط الساليسيلات أنزيم كولاجين غلوكورونيل ترانسفيراز في الصفيحات الدموية وهو مسؤول عن تكدس الصفيحات ولذلك قد يؤدي إعطاء الساليسيلات عند الأطفال إلى الرعاف.

ومحصلة التأثيرات السابقة هي تثبيط تكدس الصفيحات الدموية مما يساهم في منع تشكل الخثرات .

كما تبدي الساليسيلات بالجرعات العالية 5-6 غ نقصاً في مستوى وفعالية البروثرومبين وبالتالي زيادة زمن البروثرومبين .

تقوم الساليسيلات عند إعطائها بجرعة 2.5 غ بتثبيط اصطناع الفيبرينوجين ( مولد الليفين ) وبنفس الوقت تنشط العامل الحال للفيبرين Fibrinolysine وهو المركب الحال للخثرات .

9.      التأثير على الكريات الحمراء والحديد :

تحدث الساليسيلات نقصاً في مستوى الحديد في البلازما كما تحدث نقصاً في عمر الكريات الحمر عن العمر السوي وهو 90-120 يوم . لذلك فهي تحدث بالجرعات العالية والاستعمال المديد فقر دم بنقص الحديد .

10.  التأثير على جهاز الهضم :

تبدي الساليسيلات تأثيراً مخرشاً لغشاء المعدة المخاطي خاصة إذا أخذت على معدة فارغة .

تؤهب للإصابة بالقرحة الهضمية .

تؤهب لحدوث التهاب غشاء المعدة المخاطي التقرحي وتؤهب لانثقاب القرحة في حالة وجود إصابة مسبقة للمريض بالقرحة الهضمية وتعلل التأثيرات السابقة بأن الساليسيلات تسبب نقصاً في ثخانة الغشاء المخاطي للمعدة ونقصاً في إفراز المخاطين أو الميوسين .كما تحدث الساليسيلات زيادة في نفوذية الغشاء المخاطي لشوارد+Hو +Na مما يسبب تنخراً للأوعية الشعرية المبطنة للغشاء المخاطي مما يؤهب لحدوث النزوف الخلالية .كما تزيد الساليسيلات من إفراز حمض كلور الماء ويتم ذلك بتثبيط اصطناع مركب PGI2 المسؤول عن تثبيط إفراز HCl وكما نعلم أن تثبيط التثبيط يؤدي إلى زيادة وتنشيط .

ويمكن التغلب على التأثير المخرش للساليسيلات بإعطاء الساليسيلات بعد الطعام أو بمشاركتها مع مضادات الحموضة مع أن لهذه المشاركة سلبياتها .

تثير الساليسيلات فعل الغثيان والقياء نتيجة تنبيه المستقبلات المحيطية الخاصة بالغثيان والقياء والتي ينتقل التنبيه منها إلى منطقة CTZ القريبة من مركز القياء في البصلة .

ملاحظة : يتميز حمض الساليسيليك بتأثيره الحال للقرنين إلا أنه يفتقد تلك التأثيرات الخاصة بالساليسيلات ( المسكنة للألم والخافضة للحرارة ) ويستفاد من هذه الخاصة في معالجة الثآليل .

11.  التأثير على الحمل والمخاض :

تعبر الساليسيلات الحاجز المشيمي وتسبب للجنين تشوهات أو نزوفاً قبل الولادة وحتى الموت في بعض الحالات لذلك يعتبر الحمل مضاد استطباب لإعطاء الساليسيلات .

تطيل الساليسيلات مدة الحمل أكثر من 280 يوماً كما تطيل زمن المخاض ( وكلاهما سيء بالنسبة للحامل ) والذي يكون طويلاً بالنسبة للخروس Primigravida ( التي تلد لأول مرة ) ثم يقصر في الولادات التالية .

وهناك دراسة حديثة تبين أن الساليسيلات بالجرعات الضئيلة تقي المرأة الحامل في الأشهر الأخيرة من حدوث ارتفاع الضغط الدموي الشرياني الحملي( وهي دراسة قام بهاباحث عربي في جامعة أمريكية واسمه بهاء السباعي وأصله من لبنان) .

وتبين له أن الساليسيلات تقي من حدوث ارتفاع الضغط الشرياني الحملي والارتعاج النفاسي.

12.  التأثيرات الاستقلابية للساليسيلات :

· تحدث زيادة سكر الدم نتيجة زيادة تحلل الغليكوجين مما قد ينجم عنه بيلة سكرية .

· تزيد من تحرر الأدرينالين والستيروئيدات القشرية مما يسبب حدوث توازن بروتيني سالب .

· لها تأثير خافض للشحوم والكولسترول .